الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة «سيارا نيفادا» للمخرج الروماني كرستي بويو: رومانيا بدون مونطاج

نشر في  14 ماي 2016  (10:44)

بقلم الناقد طاهر الشيخاوي- مراسلنا من مهرجان كان السينمائي

يُعدّ كريستي بويو من رموز «الموجة الجديدة» للسينما الرومانية، وشُهر بفيلمه «دانتي لازارسكو» الذي تحصل سنة 2005 على جائزة قسم «نظرة ما» وأكثر من أربعين جائزة في مهرجانات عالمية أخرى.

يعود بويو إلى مهرجان كان السينمائي في دورته الـ69 ليشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية بـ«سيارا نيفادا»، وهو بمثابة دراما عائلية تدور أحداثها أساسا في فضاء شقة ضيقة.

يلتقي كافة أعضاء العائلة وهم كثر للاحتفال بذكرى وفاة الأب، والطقس يتمثل في مأدبة عشاء يشرف عليها الكاهن الأرثوذوكسي، لكن يتأخر الكاهن فنعيش في مدةَ الإنتظار وضعيات مختلفة من حياة أفراد العائلة تختزل عددا من مشاكل المجتمع الروماني.

طرافة الشريط تتمثل في طريقة التصوير: لقطات طويلة تكاد تكون خالية من التقطيع وكاميرا ثابتة في غالب الأحيان كما لو كان الراوي عاجزا على تتبع الشخصيات أو ممتنعا على التماهي معها فتجد نفسك متأخرا دوما على مجرى الأحداث.

إقتصاد في التصوير يضع المشاهد أمام الواقع الفج بدون تزويق ولا تزييف، واقع رومانيا ما بعد شاوشسكو زمن الأزمة الرأسمالية والفقر الفكري والإنساني.

درسٌ حقا في كيفية تصوير واقع بلدان أوروبا الشرقية بعد سنوات من المعاناة تحت الدكتاتورية ولكن الخطاب ينأى بنفسه على الاستعراض الأيديولوجي السطحي ليرصد ببرودة درجة البؤس الإجتماعي.

وأكبر دليل على ذلك المشهد الأول وهو لقطة-مشهد تدور أحداثها في الشارع لا نفهم إلا البعض منها لأنه يكفي أن تخرج الشخصية من الحقل حتى تغيب على أنظار المتفرج. السبب طبعا اقتصادي لكنه يصبح مبدأ في المونطاج كما هو الشأن في الواقعية الجديدة الإيطالية، فيعطي للمشاهد هامشا من حرية القراءة.